معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
المقالات و المحاضرات > محاضرات آية الله السيد محمد محسن الطهراني > سلسلة محاضرات شرح حديث عنوان البصري > شرح حديث عنوان البصري - من المجلس رقم 201 إلى الأخير > شرح حديث عنوان البصري ـ الجلسة 225: سواسيةٌ كأسنان المشط

____________________________________________________

هو العليم

شرح حديث عنوان البصري المحاضرة 225

سواسية كأسنان المشط

ألقيت في 14 ربيع الأول لعام 1437 هـ

ألقاها:
سماحة آية اللـه السيّد محمّد محسن الحسيني الطهراني حفظه اللـه
 

 

_______________________________________________________________

تحميل ملف البد دي أف تحميل ملف البد دي أف

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلّى الله على سيِّدنا ونَبيِّنا أبي القاسم محمّد
وعلى آله الطيبين الطاهرين
واللعنة على أعدائِهم أجمعين

يقول الإمام الصادق عليه السلام: "وَأَمَّا اللَوَاتِي فِي الْحِلْمِ: فَمَنْ قَالَ لَكَ: إنْ قُلْتَ وَاحِدَةً سَمِعْتَ عَشْرًا فَقُلْ: إنْ قُلْتَ عَشْرًا لَمْ تَسْمَعْ وَاحِدَةً؛ وَمَنْ شَتَمَكَ فَقُلْ لَهُ: إنْ كُنْتَ صَادِقًا فِيمَا تَقُولُ فَأَسْأَلُ اللَهَ أَنْ يَغْفِرَ لِي، وَإنْ كُنْتَ كَاذِبًا فِيمَا تَقُولُ فَاللَهَ أَسْأَلُ أَنْ يَغْفِرَ لَكَ‏؛ وَمَنْ وَعَدَكَ بِالخَنَى فَعِدْهُ بِالنَّصِيحَةِ والرَّعَاءِ".
لا يدري الإنسان في الواقع من أيّ فقرة من فقرات حديث الإمام عليه السلام هذا يبدأ بالكلام.

    

الالتزام بمضمون هذه الفقرات يؤدّي إلى قطع أغلب الطريق

كنت جالساً مع عدد من الإخوة يوم أمس، فقلت لهم: لو أراد أحدٌ أن يلتزم بمضامين هذه المواضيع التي نحن بصدد الحديث عنها ـ على الرغم من كون هذا الأمر ليس بالأمر اليسير بالطبع، لأنَّ هذا الموضوع يمسّ في كثيرٍ من الأحيان شخصيّة الإنسان ومكانته الاجتماعية، فيجد أنّه من الصعب عليه أن يتحمّل ما يجري ويسكت عنه ـ فأستطيع أن أقول هنا بأنَّه سيتمكّن من طيَّ سبعين أو ثمانين بالمائة من الطريق بواسطة تحمّله لمثل هذه التصرّفات؛ فذلك واحدٌ من الأمور الحيوية التي يواجهها السالك خلال طيِّه لهذا الطريق؛ وكلّ واحدٍ منَّا مبتلىً بهذا الأمر في الواقع أو سيُبتلى به في المستقبل، فهذا الأمر ملازمٌ للإنسان ما دام يعيش في هذه الدنيا وما دام يتعامل مع أفراد المجتمع ويختلط بهم؛ وبما أنَّ جميع الناس لا يمكن أن يكونوا بمستوىً واحدٍ من سعة الصدر أو الثقافة أو كيفيّة رعاية الموازين الأدبيّة والأخلاقية، لذا فإنَّك تراهم ـ وبحسب تلك الاختلافات الموجودة بينهم ـ يُظهرون ردود فعلٍ متفاوتة، وكم يحصل أن تكون ردود أفعالهم غير صائبة؟

    

لزوم التدقيق في الأخبار السلبية المنقولة، و منع الشائعات

حصل قبل مدّة من الزمن أن قام أحد الأشخاص بنقل كلامٍ عن أحد الرجال بشأن شخصٍ آخر، فانتشر الخبر ووصل إلى مسامع هذا وذاك؛ فقال لي أحدهم: لقد حصل مثل هذا الأمر، ولقد طلبت من الآخرين غضّ النظر عنه وعدم تداوله وإلاّ فسيؤدِّي ذلك إلى انتشاره بين الناس؛ فقلت له: يا سيِّد، إنَّ هذه القضية هي قضية مكذوبة من الأساس، ولا صحة لها أصلاً؛ بل لقد اختلقها فردٌ ما بناءً على شبهةٍ أو تصوّرٍ وتوهمٍ خاطئ، ثمّ قام بنسبتها إلى من ليس له أيّ دخل في هذا الموضوع. والأعجب من ذلك هو ممّن صدر هذا الأمر؟ لقد صدر هذا الأمر من شخصٍ قد صاحب العظماء لسنواتٍ طويلة، وكان قد استمع إلى أحاديثهم واستفاد من محضرهم، فلماذا يحصل مثل هذا الشيء؟ وما الذي جناه من مصاحبته للعظماء؟ وما الذي استفاد من تردّده على مجالسهم؟ وما الذي استفاده من تلك اللقاءات الخاصّة التي كانت تجمع بينه وبينهم؟ فلقد كنت أشاهد ذلك بنفسي، إذ كنت أنا الذي أقدّم لهم الشاي والفاكهة، فما الذي كسبه من كلّ ذلك؟ ألا يُفترض أن يترك ذلك أثراً على طبيعة تصرّف الإنسان؟ أفلا يُفترض أن يترك أثراً على ثقافته وبصيرته وفهمه؟ نعم، كان من الواجب أن يترك أثراً عليه.
ومن هنا، يجب على الإنسان إذا ما سمع خبرًا كهذا، أن يتأمّل فيه ويتفطّن إلى عدم صحته جملة وتفصيلاً؛ أمّا أن يقوم بتصديقه [ ونقله على أنّه مطلب صحيح، فهذا مما يدعو للأسف حقاً].
ومثل هذا الأمر يمكن أن يحصل لنا ولجميع الناس ، فقد حصل لنا مثله بالفعل، ومن الممكن أن يحصل ذلك في المستقبل أيضاً؛ وها نحن نشاهد نظير هذا الأمر يحصل في مجتمعنا بصورة مستمرة؛ فترى أحدهم يقول لآخر: فيك هذا العيب، فيردّ عليه الآخر قائلاً: وأنت فيك ذلك العيب، كما ويتّهم أحدهم آخراً بالتفوّه بكلام ما، فيجيبه الآخر بالمثل؛ هذا في الوقت الذي تكون فيه جميع تلك الأمور مبنيّة على أساس من الأوهام والتخيلات، و لكن ما الذي سيؤول إليه الأمر؟ إنَّه سيجرّ إلى عواقب وتبعات كثيرة؛ فعندما يطرح أحدهم أمراً ما، فمن الطبيعي أن يقابله الآخر بردّة فعل معاكسة، فتصل ردّة فعله إلى مسامع الأول، فتظهر منه ردّة فعل أخرى، وهكذا تتّسع تلك الدائرة لتشكّل دائرة عظيمة، وكما يحصل عندما تقوم بإلقاء حجرٍ في وسط حوضٍ للماء، فسيعمل ذلك على تشكيل موجة دائرية يتّسع قطرها تدريجياً ليغطّي جميع المساحة المحيطة بها؛ إنَّ شيئاً من هذا القبيل يحصل في الوقت الذي لم يكن فيه لتلك القضية صحّة من الأساس، ولم تكن شيئاً مذكوراً، فلقد كانت عبارة عن قشّة، وإذا بتلك القشّة تصبح جبلاً.
لماذا يتوسّع الأمر بهذه الكيفية؟ إنَّ السبب في ذلك يعود إلى أنَّ أحدهم كان قد أطلق كلاماً ما، فردَّ عليه الآخر بالمثل، فوصل هذا الرّد إلى مسامع الأول، فردّ عليه بدوره؛ ثم يصل الدور إلى تدخّل أتباعهما فيتوسّع عندها الفتق، فتعال وحاول رتق هذا الفتق عندئذٍ! نعم، سيتطوّر الأمر ويصبح مشكلة عويصة وسيؤدِّي إلى تبعات وخيمة وإلى حصول مخاصمات وشجار بين الفريقين.
سنتطرّق إلى هذا الموضوع مستقبلاً، وإلاّ فحديثنا يدور في هذه المرحلة عن الآثار السلبية التي سيتركها مثل هذا العمل على نفس من يُبتلى بمثل هذا البلاء؛ ثمّ سنبحث بعد ذلك في آثار السوء التي سيتركها على المجتمع حيث سنتحدّث عن ذلك بإيجاز نظراً لإلمام الإخوة والأصدقاء ولله الحمد بهذه المواضيع.

    

الفائدة الأساسية من هذه التعليمات ترجع لنفس السالك الذي يطبقها

قلت للإخوة في المجلس السابق بأنَّ هنالك أمراً مهمّاً وأساسيّاً في هذا الموضوع نحن في غفلة عنه، وذلك أنّنا نعتقد بأنَّ هذه العبارات التي جاءت في حديث الإمام الصادق لعنوان البصري تتركّز بأجمعها على جهةٍ سلبية و احدة تنجم عن عدم الالتزام بهذا الموضوع [وهي تتعلّق بالأثر السيء الذي يقع على الطرف المقابل]؛ فإن قال أحدهم لآخر: إن قلت واحدة سمعت عشراً، فعلى الآخر ألاّ يردّ عليه بالمثل، بل عليه أن يقول له: إن قلت عشراً، فسأعمل أنا على إطباق شفتاي وسوف لن يكون لي معك أيّ شأنٍ. وكما قال الشاعر:
داند و خر را همی راند خموش
                             در رخت خندد برای روی پوش[1]

(يقول: إنَّه يعلم ما تضمر في نفسك، ومع ذلك فهو يغضّ النظر ويمضي بصمت، وتراه يضحك في وجهك تغطيةً لما يعلمه عنك)
يعني أن يتجاوز الإنسان عن أمثال ذلك، فيا له من كلامٍ متقنٍ وراقٍ!!
أو ما جاء في الفقرة التالية والتي تحثّ على الإغماض عندما يتعرّض المرء لسوء المعاملة والشتم من قبل الآخرين، حيث يجب أن تكون ردّة فعله على الشتيمة بأن يقول للمقابل: إنْ كُنْتَ صَادِقًا فِيمَا تَقُولُ فَأَسْأَلُ اللَهَ أَنْ يَغْفِرَ لِي، وَإنْ كُنْتَ كَاذِبًا فِيمَا تَقُولُ فَاللَهَ أَسْأَلُ أَنْ يَغْفِرَ لَكَ‏؛ فيجب أن تكون ردّة فعل الإنسان على هذا النحو؛ وكذلك الحال مع الفقرة الأخرى التي تقول: وَمَنْ وَعَدَكَ بِالخَنَى وقام بتهديدك، فقل له: إن كان لديك ما يوجب الخصام، فتعال لكي نجلس معاً ونتناقش بشأنه، فأنا لم أغلق بابي بوجهك، فمتى ما شئت أن تأتي، فاعتبر هذا البيت بيتك وتعال لكي نتحدّث مع بعضنا البعض، فإن كان الموضوع قابلاً للحلّ، فسنتمكن من إيجاد حلٍّ له؛ فكم يكون مثل هذا التصرّف تصرّفاً صائباً؟ وكم هو من أمر ممدوح أن يتصرّف الإنسان بأسلوب كهذا؟ ونحن سنتكلّم في المجالس القادمة حول هذه الفقرات بشكل مختصر إن منحنا الله التوفيق لذلك.
ولكنّ الأمر المهمّ والحيويّ في هذه الفقرات والذي له أثرٌ كبيرٌ على نفس الإنسان ويساعده على طيّ الطريق، هو أن نتمعّن في هذا المطلب لنرى هل سينالنا نحن أثره الإيجابي أولاً وقبل كلّ شيء، أم لا؟ وبعبارة أخرى: ما هو التأثير الإيجابي لرعاية هذا الأمر علينا نحن في المقام الأول؟ فلا شأن لنا بالمجتمع في هذه المرحلة من بحثنا، ولنفرض عدم وجود مجتمعٍ من الأساس، ولنفرض عدم وجود غيرنا في هذا المكان؛ فما هو دورنا نحن في هذه القضية؟ وكم سيكون لطبيعة تصرّفنا من تأثيرٍ علينا؟ وكم سيكون لرعايتنا لمثل هذا الأمر من تـأثير على حركتنا في طيّ طريق السلوك؟ فهذا التأثير هو الأهمّ بالنسبة إلينا ممّا سواه.
فأصل وأساس حركتنا نحو الله ومحورها العام يتمثّل في الحركة نحو التوحيد ونحو الحقّ ونحو الحرّية ونحو الوحدة ونحو المحبّة والعشق ونحو الصفاء والألفة والمودّة والبهاء والنور؛ فهذا هو السلوك، وهو مسير التوحيد الذي يجب أن يطويه السالك في سلوكه؛ فعمود خيمة السلوك هو عبارة عن الخروج من الأنانية والنفس والظلمات، الأمر الذي يعتبر بمثابة المعيار والشاخص الذي يجب أن يضعه الإنسان نصب عينيه في حركته نحو الله، فقد جاء في الآية الكريمة: يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ[2]، فهذا هو معنى الخروج من الظلمات إلى النور؛ فإن خرج الإنسان من الأنانية، فسيكون قد ولّى وجهه صوب الصفاء والألفة والمودّة ويكون قد تحرّر من القضايا الاعتباريّة والأوهام والتخيّلات وخرج من الأنانيّة والتحزّب مستعيضاً عن ذلك بالتوجّه الإنساني ورؤية الجميع بعين واحدة.

    

العلامة الطهراني: كلنا سواسية كأسنان المشط

وهذا ما كان المرحوم العلاّمة يقوله لمن كان يلتقي به من الأصدقاء، كما وكان يطرحه مراراً في مجالسه، فقد كان يقول: "كلّنا سواسية كأسنان المشط". وليكن معلوماً لدينا بأنَّه لم يكن يقل ذلك مجاملةً، بل هكذا كان يرى نفسه مقارنة مع بقيّة أفراد المجتمع واقعاً؛ على أنَّ مكانته كأستاذ وكمرشد لها محلّها الخاصّ بها، ولكن الحديث يدور هنا حول موقف الإنسان أمام الله فيما يتعلّق بكيفيّة رؤيته لنفسه مقارنةً مع أصدقائه وأبناء جنسه وزملائه وسائر الناس؛ فعليه أن يرى نفسه وغيره من الناس سواسيّة كأسنان المشط.
أرأيتم كيف أنَّ أسنان المشط تكون على مستوىً واحد، لا يرتفع أحدها على الآخر أبداً؛ فالأسنان الواقعة في أحد طرفي المشط تكون قصيرة الطول ـ هكذا كانت طبيعة المشط قديماً، فلا أدري كيف أصبحت اليوم ـ ثم تأتي بعدها الأسنان الأطول فالأطول، ثم يقصر طولها مرّة أخرى وبشكل تدريجي وحتّى الوصول إلى الطرف الآخر؛ ولكنَّه وعلى الرغم من تفاوت أطوالها، فإنَّ رؤوسها تكون على مستوىً واحد؛ وفي هذا الأمر عبرةٌ بليغة يجب أن يعتبر بها الإنسان؛ فطول الأسنان الواقعة في أحد طرفي المشط تكون هي الأقصر حيث يبلغ طولها سنتيمتراً واحداً على سبيل المثال ثم تتدرّج في الطول ليصل طولها إلى السنتيمتر والنصف ثم الثلاث سنتيمترات وقد يصل طولها في الوسط إلى أربعة سنتيمترات ثم تأخذ في القصر مرّة أخرى ليصبح طولها ثلاثة سنتيمترات ونصف ثمّ سنتيمترين ثمّ سنتيمتراً واحداً عند الطرف الآخر أو حتّى قد يصل طولها إلى نصف السنتيمتر، غير أنَّها جميعاً تكون على مستوىً واحداً؛ فما الذي نستفيد من هذا؟ إنَّ هذا يعني بأنَّ من يضع قدمه في هذا المسير وسواء كانت مدّة تواجده في هذه المدرسة ثلاثين أو عشرين أو خمسة عشر عاماً، وسواء كان مسنّاً أو شاباً، وسواء كان عالماً أو جاهلاً أو على أيّة درجة من درجات العلم كان، وسواء كان أستاذاً أو تلميذاً، وسواء كان طبيباً أو مهندساً أو عاملاً في أيّ مجال من مجالات الحياة، فجميع هؤلاء الناس عندما يضعون أقدامهم في هذا المسير، فسيكونون سواسية؛ فمن الممكن أن تكون مدّة تواجد أحدهم في هذا المسير ثلاثين سنةً، بينما تكون مدّة تواجد الآخر خمس عشرة سنةً، غير أنَّ علاقتهما مع الله توزن بميزان واحد ويكونان في هذه المدرسة على نفس المستوى.
إنَّ من يبلغ من العمر خمسة عشر عاماً لا يتساوى من حيث العمر مع ذلك الذي يبلغ الثلاثين عاماً من عمره بالطبع، بل لا بدّ من أن تمضي عليه خمسة عشر عاماً أخرى ليصل إلى ذلك العمر، فلا يمكن إعطاؤه حقنة تعمل على زيادة عمره إلى الثلاثين عاماً، هذا من ناحية العمر، أمّا من ناحية علاقته بالله، فكيف هو الأمر؟ هل يستطيع أحد أن يعيّن مقدار تلك العلاقة؟ وهل يلتزم أحدٌ بأنَّ مقام من يكون قد تعرّف على أحد العظماء للتّو أدنى و أقلّ بكثير من ذلك الذي يكون قد مضى عليه عشر سنوات في هذا الطريق؟ ما الذي يعنيه المقام؟! وهل للمقام والمكانة محلٌّ هنا؟! فليس هنالك معنىً لمقامٍ في هذه المدرسة غير الفقر.

    

معيار التقدم والتأخر في هذه المدرسة هو مقدار الفقر والحاجة

فعلينا أن نستشعر في أنفسنا الفقر والحاجة إلى هذه المدرسة دائماً، لا أن نشعر بالزهو والعُجب والغطرسة؛ فكلمة "نياز" [أي الفقر بالفارسية] تحتوي على ياءٍ إضافية لا تحتويها كلمة (ناز) [أي الزهو والفخر والخيلاء بالفارسية]([3]؛ فعلينا ألا ننسى هذه الياء أبداً؛ نعم، يجب عدم حذف تلك الياء، فإن قمت بحذفها، فاعلم بأنك ـ وبدون أيّ شكٍّ ـ تكون قد سقطت في نفس تلك اللحظة التي تكون قد حذفت الياء فيها.
لقد رأيت أصنافاً كثيرة من الناس في حياتي، ولم أجد أحداً منهم قد واصل مسيره ووصل إلى نهاية المطاف سوى أولئك الذين لم ينسوا تلك الياء والذين احتفظوا بها معهم دائماً؛ على أنَّ تلك الياء يجب أن تكون بلون غامق وبخط جميل وأن تكتب بقلم عريض؛ لكي يكون عرض الخط سميكاً، لا أن تكون ياءً صغيرةً مكتوبةً بقلمٍ ذي حافةٍ رفيعةٍ أو بقلم الحبر الجافّ، ثم يتم استبدال ذلك القلم بقلمٍ أصغرٍ فأصغر ـ انتبهوا، فما لم يتيقّظ الإنسان، فسيحصل مثل هذا الشيء وبصورة تدريجية حتماً ـ ثمّ يؤدِّي هذا إلى حذف تلك الياء مستقبلاً حيث سيتبدّل الفقر عندها إلى كِبرٍ وزهوٍ وغطرسةٍ؛ وحينئذٍ علينا أن نقرأ الفاتحة على هذا الشخص ... الفاتحة مع سورة الإخلاص لثلاث مرات، فقد انتهى أمره.
ولقد كنت أشاهد حالة الفقر والشعور بالحاجة لدى العظماء؛ نعم، لقد كنت أشاهد ذلك منهم على الدوام؛ فلقد كان المرحوم العلامة رضوان الله عليه يُظهر حالة الخضوع والخشوع مقابل أساتذته دائماً، وكان يصرّح بشكل مستمر ويكرّر ذلك وحتى الأيّام الأخيرة من حياته بأن أستاذه هو السيِّد الحداد، وأنا أشهد على ذلك؛ كما كان يقول بأن العلامة الطباطبائي كان من أساتذتي؛ فعلينا والحال هذه أن نقتدي بتلك المباني وبتلك السيرة الحميدة، كما علينا أن نضع نصب أعيننا وبصورة مستمرة ما كان يكرّره المرحوم العلاّمة من القول بأنَّنا جميعا سواسية وكأسنان المشط.
كان المرحوم العلاّمة يصلّي صلاتي المغرب والعشاء جماعًة في المنزل يوماً، وكنت أجلس في الصفّ الثاني أو الصفّ الثالث من صفوف صلاة الجماعة؛ فذهب أحدهم بعد الصلاة ليسأل المرحوم العلاّمة قائلاً: أين تكمن مشكلتي؟ فلقد كانت هنالك بعض الأمور، فقال له: ـ هذا مع قيامي بإجراء بعض التبديل الطفيف في العبارة ـ متى ما رأيت نفسك وغيرك في نفس ذلك المستوى من أسنان المشط، فتعال عندها؛ وكان قد قال ذلك بصوتٍ مرتفعٍ بحيث وصل صوته إلى الصفين الثاني أو الثالث، فلم يكن قد تكلّم بصوت منخفض.
ما الذي أوصل الأمر إلى هذا الحدّ؟ لقد حصل ذلك بسبب عدم رعاية الموازين، فما كان يتمّ التأكيد عليه من أمر المراقبة بصورة مستمرّة، لم يكن اعتباطياً؛ إذ ليس من دأب العظماء أن يقولوا كلاماً يريدون به إشغال الآخرين وتلهيتهم بمسائل فارغة، أو يريدون به مداهنتهم وخداعهم، بل إنَّهم عندما كانوا يوصون بذلك، فهم إنَّما كانوا يعرفون المرض الذي يعاني منه المقابل؛ نعم، إنَّهم يعلمون أيّ بلاء ستُبتلى به بعد خمسة عشر عاماً أو بعد عشرة أعوام من الآن، فيقومون بتنبيهك ومنذ هذه اللحظة لكي تعمل على منع وقوعه.
سر چشمه شاید گرفتن به بیل
                             چو پر شد نشاید گذشتن به پیل[4]

(يقول: مع أنَّك قد تستطيع سدّ عين الماء في منبعها بواسطة المعول، غير أنَّك سوف لن تستطيع سدَّ ذلك المجرى إن امتلأ بالماء حتّى لو وضعت فيه فيلاً)
عليك أن تعمل على منع ما قد يقع مستقبلاً منذ هذه اللحظة، فعليك مراعاة أمر المراقبة جيّداً، وعليك القيام بهجومٍ احترازيٍ مضادٍ، وعليك السعي ومنذ اللحظة التي تشعر فيها بأنَّ أمراً ما في مرحلة التبلور والتشكّل [لإنهائه قبل أن يكبر]؛ فنحن نعرف الحال الذي نحن عليه، ونعلم فيما إن كان حالنا قد تبدّل عمّا كان عليه قبل ستةّ أشهر، أم لم يتبدّل؛ فكيف كانت ردّة فعلنا تجاه أمرٍ ما في الماضي، وكيف هي الآن؟ فلقد منحنا الله القدرة على معرفة هذا الأمر، وكلّ واحد منَّا يستطيع معرفة هذا الأمر بنفسه.
فلو حصل لنا أمرٌ ما [كأنْ يصدر من شخصٍ ما تصرّف مزعج تجاهنا]، فنستطيع عندها أن نختبر أنفسنا لنرى كيف سيكون تصرّفنا تجاهه، وكيف كنَّا سنتصرّف فيما إن حصل نفس هذا الأمر في العام الماضي؟ فلو رأينا بأنَّنا نتعامل مع ما حصل بكلّ هدوء وبدون مبالاة، فعلينا أن نشكر الله ونحمده على ما منحنا من توفيق، إذ إنَّ هذا يدلّ على حصول تبدّل في أنفسنا، أمّا إن رأينا بأنَّنا ننفعل ونمسك بالتلفون، أو بهذا الجهاز الجديد ـ ما اسمه؟ ـ التلفون المحمول؟ ونبدأ بكيل الشتائم والسباب للطرف المقابل، ثم نقوم بإرسال الرسائل عبر هذا التلفون إلى هذا وذاك لنخبرهم بما عمل هذا الرجل، ونجعل الأوضاع تضطرب، [فلنعلم بأنَّ حالنا لم يتبدّل]؛ ما الذي تفعله يا هذا؟ فقد قمت بإطباق السماء على الأرض! لماذا تفعل ذلك؟! فما الذي قاله لك؟ فمهما كان ذلك الشيء الذي قاله، [فهل يستحق كلّ ردّة الفعل هذه؟]
إنّ كلّ ذلك سيعمل على توقّف تلك الحركة اللازمة للنفس من أجل أن تتجاوز الأنانيّة والأهواء والأمور الاعتباريّة والتخيليّة، واللازمة للسير في طريق التكامل، بل وسيؤدِّي إلى تبدّل اتجاهها لتأخذ الاتجاه المعاكس، وسيعمل على تحطيم كلّ ما تم كسبه حتّى تلك اللحظة.

    

عالم الملائكة هو عالم الصفاء و السكينة بخلاف الشياطين

هنالك رواية عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم[5] تشير إلى أنَّ الملائكة تكون في حالٍ دائمٍ من السكون، أمّا الشياطين فهي على العكس من ذلك، فالشياطين تكون دائماً في حالٍ من الحركة والعنف والضجيج؛ فكلّما اقترب الإنسان من عالم التجرّد وعالم الملائكة أكثر، كلّما شعر بالهدوء والسكينة أكثر.
أرأيتم كيف أنَّ الرجل المتعب والذي يكون قد قطع مسافة ثلاثة أو أربعة كيلومترات مشياً على الأقدام، إن وصل إلى بيته أو إلى بيت صديقٍ له وجلس متّكأً على وسادة، كيف يتنهّد قائلاً: آه، فهذا هو ما يُسمّى بعالم السكون والهدوء، على أنَّه إن وضعت له وسادة وتمدّد على الفراش، فسيكون ذلك أفضل له، فينام مرتاحاً بعد أن يكون قد طلب قدحاً من الماء ليشرب، فهذا هو عالم السكون والهدوء؛ أمّا الحالة المعاكسة فهي حالة الاضطراب والقفز بكلّ اتّجاه والصياح والضجيج وإثارة الغبار، وهو ما يُسمّى بحال التشويش والاضطراب.
فالملائكة تعيش حال السكون، وكلّما تقدّمت النفس في سيرها نحو عالم الملائكة وعالم الوحدة والتجرّد، فستُشاهد عليها تلك الآثار؛ فترى صاحبها يُقلّ من كلامه، فهو لا يتكلّم ما لم يُسأل عن شيء؛ فهكذا كان حال المرحوم العلاّمة الطباطبائي رحمة الله عليه عندما كان يحضر إلى بيتنا أو عندما كنت أراه في المجالس التي كان يُقيمها؛ فلقد كنت أدعوه في كثير من الأحيان لتناول طعام الغداء أو العشاء وكان يُلبِّي الدعوة ويحضر إلى بيتنا؛ فكان يدأب على خفض رأسه والنظر إلى الأرض في حالٍ من السكوت ما لم نبتدئه بالكلام، فإن قمنا بتوجيه سؤالٍ إليه، كان يُجيب على السؤال باختصار وبمقدار ما يقتضيه السؤال لا أكثر، فكان وكأنَّه ينتظر الفرصة التي ستنتهي فيها الإجابة لكي يعود إلى ما كان عليه من السكوت؛ نعم، كان يُجيب على ما كان يُسأل عنه إجابةً مختصرة؛ فإن قمنا بالإلحاح عليه وطلبنا منه المزيد من التوضيح، كان يُجيب مرّة أخرى ويقوم بتوضيح الأمر بشكلٍ آخر؛ فكأنَّه كان يبحث عن الهدوء والسكون والسكوت والاستغراق في نفسه دائماً.
فترى أولئك الذين يطوون طريقهم نحو التجرّد والتوحيد يُقلّلون وبالتدريج من كلامهم وفعالياتهم؛ على أنَّ المقصود من الفعاليات هنا هي ليست تلك الفعاليات الضروريّة بالطبع، فلتلك الفعاليات ضرورتها الخاصّة بها، بل المقصود هو الذهاب إلى هنا وهناك بشكلٍ متواصلٍ ودون ضرورة، فتراهم لا يبرحون أماكنهم ويقلّلون من كلامهم، ويقلّلون من التجوال بأفكارهم هنا وهناك، فتراهم لا يشغلون أفكارهم بالتفكير فيما لا يرون له ضرورة؛ فما الذي يعني الإنسان مّما يجري من حوله هنا وهناك؟ وما شأنه بما يقوله فلان لفلان في هذه اللحظة التي يقفان فيها يتحدّثان مع بعضهما في ذلك المكان؟ فنحن دأبنا في هذه الحياة هو هكذا! ترانا نشغل أنفسنا بهذه الأمور كثيراً؛ وما الذي يعنيك يا هذا بما يقوله هذا لذاك؟ وما هي علاقتك أنت بالأمر؟!
إنَّ هذه التصرفات تترك أثرها على نفس الإنسان وعلى طبيعة حركته في طيّ طريق السلوك؛ فأنت وبمجرّد إشغال ذهنك بهذا الأمر وبأنّه: ما الذي يقوله هذا لذاك الآن؟ تكون قد جلبت الضرّر على نفسك، فهذا الأمر بمثابة السّم لك؛ فما الذي يعنيك ما يقوله هذا لذاك؟ وما هي علاقتك أنت بما يجري بينهما من عقد صفقة أو ما شابه ذلك؛ حتّى تذهب وتقول لأحدهم: إيّاك وأن تفعل ذلك! فلماذا تقوم بهذا العمل؟! يا عزيزي، إنّه يعلم ما الذي يفعله، فهل جاء يستشيرك بشأن ذلك الموضوع؟! وهل أنت وليّ أمره أو وكيله في هذا الأمر؟! وهل تخاف أن تتعرّض للمسائلة من قبل الملائكة إن أحجمت عن القيام بمثل هذا العمل؟!
نعم إن جاءك أحد ليستشيرك بشأن قضيّة ما أو أمرِ زواجٍ، ويسألك: هل من المصلحة أن يتمّ الأمر أم لا؟ فعندها يحقّ لك أن تشير عليه بنعم أو لا، مع توضيح الأدلّة والمبرّرات؛ أمّا إن لم يأتِك أحد ليسألك، فلماذا تذهب أنت بنفسك لتقول له: إيّاك أن تُقدم على خطبة تلك الفتاة، أو أن تقول لوالد الفتاة: إيّاك أن توافق على زواج ابنتك من ذلك الشاب! فما هي علاقتك أنت بهذا الموضوع لكي تتدّخل فيه؟! فأنت وبمجرّد قيامك بهذا العمل، تكون قد أفسدت نفسك وأوجدت الاضطراب في قلبك؛ وأنت وبمجرّد تفكيرك بالقيام بالتفحّص والتحقيق بشأن أمر قد يحصل مستقبلاً ـ في الوقت الذي لا يعنيك هذا الأمر في شيء ـ فبمجرّد تفكيرك به، فستكون قد فتحت على نفسك باب الاضطراب، حيث سيعمل عمل الدواء أو السّم الذي يدخل جوفك، فهو يبدأ عمله وبمجرّد وصوله المعدة، فيأخذ بإتلاف المعدة والكبد وإيقاف القلب عن العمل!
وهكذا حال الأوهام والتخيّلات التي ترِد الذهنَ، فعندما ترد ذهنك خاطرةٌ ما، فإنّ هذه الخاطرة لن تدخل الذهن ثم تعبر عنه متجاوزةً دون أن تترك لها أثراً، بل ستحلّ هذه الخاطرة ضيفاً عزيزاً عليك، فتقوم بدخول الغرفة وإغلاق الباب خلفها، ثمّ تبدأ عملها!
ولكن ما هو العمل الذي ستقوم به؟ إنَّها ستعمل على نخر النفس والذهن وتآكلهما؛ ذلك الذهن الذي كان يجب أن يكون صافياً حتّى يستطيع الإنسان الوقوف أمام الله والصلاة بحضور قلب، فحضور القلب لا يتأتّى ما لم يكن ذهنه صافياً، و بدون صفاء الذهن سوف لن يصدر من الإنسان أيّة نيّة صدق! إنّ هذه الخاطرات ستعمل على القضاء على الصفاء وتبديله إلى كدورة، وتعمل على إيجاد الاضطراب في القلب وإثارة التخيّلات والأوهام ومنح النفس القابلية على اختلاق التصوّرات؛ فستعمل على تخريب كلّ شيء؛ فتمضي نصف ساعة من الزمان وإذا بالرجل يجد نفسه يتخذ موقفاً سلبياً من الطرف المقابل، هذا الموقف الذي لم يكن له وجود قبل نصف ساعة؛ والسبب في ذلك يعود إلى أنَّ تلك الأفكار والتصوّرات كانت قد توغلت في النفس وبدأت في العمل، فهي لا تقف مكتوفة الأيدي.
لذا ونتيجة لما ذُكر أعلاه، فستبقى حركة النفس من الأنانية نحو الصفاء والودِّ بتراءً، ليس هذا فقط، بل وستتراجع النفس القهقرى؛ لذا فعندما تنظر إلى البرامج السلوكية التي يُوصي بها العظماء، فستجدها تدعو بأجمعها إلى الحركة في هذا الاتجاه، وتجد جميع المباني تشير إلى وجوب السعي للحصول على الاطمئنان والسكون والهدوء؛ فلو رافقت أحد العظماء لمدة من الزمان، فستشعر بمقدار الاطمئنان الذي يحصل لديك، وكم تكون تلك التخيلات والأوهام قد انخفضت لديك، وكيف ستنتفي عندك الرغبة إلى التفكير بهذا الأمر أو ذاك؛ وستجد أنّ جميع أفكارك قد تمركزت في ذلك الاتجاه.

    

على السالك ألا ينشغل بغير نفسه؛ بايزيد البسطامي نموذجاً

هنالك حكاية ملفتة للنظر جداً تُنقل عن بايزيد البسطامي ـ والذي كان من العظماء والعرفاء والأولياء الإلهيين ـ مع الإمام الصادق عليه السلام؛ فقد كان بايزيد يعمل كسقاءٍ يجلب الماء إلى بيت الإمام الصادق عليه السلام لمدّة ستّ سنوات... ومرقد بايزيد موجود قرب مدينة شاهرود بجوار مرقد السيِّد محمّد بن الإمام الصادق عليه السلام... أجل، فبعد ستّ سنوات من تردّده على بيت الإمام، قال له الإمام يوماً: ناولني ذلك الكتاب الذي على الرّف، فأخذ ينظر في أطراف الغرفة بحثاً عن الرّف، فقال له الإمام: إنَّ الرّف يقع خلفك، إلى الأعلى من رأسك، ألم تره لحدّ الآن؟ فقال بايزيد: منذ أن دخلت هذا البيت، لم يقع نظري على سواك يا سيّدي! لقد كان بايزيد يتردّد على بيت الإمام لمدّة ستّ سنوات، وهو لا يعلم بوجود رفٍّ في الغرفة؛ فعندها رأى الإمام بأنَّ الوقت قد حان، فأفاض عليه ما كان يجب أن يُفيضه، نعم، أفاض عليه من ذلك الفيض الذي نتمنّاه جميعاً؛ فأفاض عليه من تلك الأنفاس ووصل به الأمر إلى نهاية المطاف؛ فقال له: ارجع الآن إلى مدينتك وديار أهلك، فلم يعد لك حاجة إلى البقاء هنا.
ما الذي يعنيه هذا؟ إنَّ بايزيد وعندما حضر لدى الإمام الصادق، فلسان حاله كان يقول: لأيّ شيء أريد أن أصرف تفكيري وأنا متواجد في هذا المكان، فهل عليّ صرف وقتي في معرفة لون السجّادة التي أجلس عليها، فأقوم بلمسها لكي أرى المادّة المصنوعة منها، ولأعلم فيما إن كانت مصنوعة في مدينة كاشان أو في مدينة إصفهان أو لأرى النقوش التي عليها؛ فهل أتيت إلى هنا من أجل قياس طول السجّاد أم أتيت لكي أتعلّم شيئاً؟ فإن كنت تريد معرفة هذه الأمور المتعلّقة بالسجّاد، فعليك الذهاب إلى محلّ بيع السجّاد، فستجد أنواعاً من السجّاد الفاخر هناك؛ فهذا النوع من التصرّف هو تصرّف معوَج، ويلازمه الانحراف منذ اللحظة الأولى التي وضع قدمه فيها على هذا الطريق.
جاء أحدهم لمقابلة المرحوم العلاّمة، فجلس لمدّة نصف ساعة لديه، وعندما كان يهمّ بالمغادرة قال لي عند الباب: متى اشترى السيِّد العلاّمة هذا البيت؟ وكان ذلك في الوقت الذي كان المرحوم العلاّمة قد انتقل إلى هذا البيت الواقع في مدينة مشهد حديثاً، فقلت له: هل لديك شيء آخر تريد أن تقوله؟ فقال: أردت أن أعرف سعره؟ فقلت له: وهل أنت سمسار بيوت؟! نعم، هذا ما قلته له، فقال: لا، قلت له: فانصرف إذاً ودعك من هذا!
انظروا إلى الرجل، فها قد جاء ليأخذ برنامجه السلوكيّ من المرحوم العلاّمة، وها هو يسأل مثل هذه الأسئلة! فهل جئت إلى هنا كسمسارٍ أم أتيت لتتعلّم شيئاً؟ فها هو يسلك الطريق المنحرف ومنذ البداية، وها هو يريد أن يسلك الطريق غير المعبّد، فهو يريد أن يسلك الطريق الخاطئ ومنذ الخطوة الأولى له في هذا الطريق؛ [فانظروا إلى الفرق بينه وبين بايزيد] فبايزيد يقول: أنا أتردّد على بيت الإمام لمدّة ستّ سنوات ولم يقع بصري على غير الإمام الصادق، فأنا لا أعلم وحتّى هذه اللحظة ما هو نوع السجاد الذي يجلس عليه الإمام، فهل هو من السجاد العادي أم المزخرف؟ أم أنَّ الإمام يجلس على حصير؟ ولا أعلم ماذا يوجد في أعلى الجدار؟ أو من هم الذين يتردّدون على بيت الإمام؟
لم أشغل تفكيري يوماً وطيلة المدّة التي كنت فيها ملازماً للمرحوم العلاّمة بطبيعة الناس الذين كانوا يتردّدون عليه وبمن يلتقي وبمن تكون علاقته أقوى أو أضعف؟ أو من الذي يتردّد عليه؟ هذا في الوقت الذي كان فيه آخرون يعترضون عليّ بسبب مجيء هذا أو ذاك؛ فكنت أقول لهم: ها قد سُمح لكم بالحضور إلى هذا المكان ليومين، فعليكم أن تستفيدوا من هذه الفرصة وتنصرفوا، فما لنا نحن ومن يأتي أو من يغادر؟
كان يحضر لدى رسول الله أصنافٌ مختلفةٌ من الناس، ففي الوقت الذي كان أمير المؤمنين وسلمان يحضر لديه، كان أبو بكر وعمر وخالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف يحضرون لديه أيضاً، فما للمرء وللتفكير بطبيعة من يحضر أو يغادر؟
إنَّ هذه الأمور التي أنا بصدد طرحها عليكم الآن، هي أمورٌ دقيقة للغاية وأمورٌ حيوية لها علاقةٌ وثيقةٌ بحركة الإنسان وسيره في هذا الطريق؛ فكيف يجب على الإنسان أن يعمل على إبعاد نفسه عن عالم الأوهام والتخيّلات وتقريبها من عالم التجرّد والتوحيد، وأيّ طريق عليه أن يسلك؟ وأيّ الحلول قد وضع الله لتلك المشاكل التي تعترض طريق الإنسان لكي يستطيع بواسطة العمل بموجبها من التخلّص من تلك العوائق الواحدة تلو الأخرى لكي يتمكّن من الوصول إلى مقام الجمع؛ فمقام الجمع هو نقيض التشتت والفرقة؛ فها نحن نعيش حالة التشتت والفرقة، وها نحن نفكّر بكلّ شيء ما عدا أنفسنا؛ فها نحن نشغل تفكيرنا بطبيعة عمل هذا الرجل، ومتى غادر بيته؟ وما هو نوع سيارته؟ وما هو رقمها، والمدينة المسجّلة فيها؟ وأين يقع محلّ عمله أو مكتبه؟ نعم، نحن نشغل تفكيرنا بكلّ هذه الأمور!
فكّر قليلاً بنفسك يا هذا، فها قد ملأتَ ملفاتك بكلّ هذه الأمور، فماذا عنك؟ وأين هو موقعك أنت في هذا الوسط؟ فهذا هو مقام التشتّت والفرقة، والذي يقع على الجانب المقابل من السلوك تماماً؛ فإن أطلقنا عنوان السلوك على أيّ أمرٍ كان، فسيأخذ هذا التصرّف الجانب المقابل له تماماً؛ فهذا المقام هو مقام الشياطين، إذ ليس للشياطين عملٌ سوى المكر والخداع والبعثرة وإيجاد الاضطراب والعبث والتخريب وإشغال الذهن بكلّ شيء وإغفال الإنسان عن معرفة حقيقة نفسه.
وهكذا كان يجري الأمر في عهد السيِّد الحدّاد عندما كنَّا نذهب إلى بيته؛ فقد كان تلامذته على نحوين؛ فمن جهةٍ كنت ترى مثل المرحوم العلاّمة لا يشغل تفكيره بطبيعة من يأتي إلى بيت السيِّد الحدّاد أو من يغادره أبداً؛ فلقد كانت هنالك أصناف كثيرة من الناس تتردّد على بيته، بل حتّى أنّ بعضهم كان من أولئك المعارضين له، ومع ذلك لم يكن له أيّ شأنٍ بهم أبداً، بل كان يجلس مقابل السيِّد الحدّاد ليرى ما الذي يقوله، ليقوم بتلقّفه منه فوراً، فكان ينتظر أن يتفوّه السيِّد الحدّاد بشيءٍ ما ليتلقّفه منه، فعندما كنت أركّز على نظرات المرحوم الوالد إلى السيِّد الحدّاد وهو يتكلّم، كنت أراه يترقّب ليرى ما الذي سيتفوّه به السيِّد الحدّاد ليقوم بالتقاطه. هذا منهجة ومن جهةٍ أخرى كان هناك آخرون ممن ذُكرت أسمائهم في الكتب وأنتم تعرفونه، فقد كان يتصرّف بشكل فضولي، فكان يتساءل: لماذا جاء هذا؟ ولأيّ شيء قد جاء هنا؟ ومن الذي أخبره؟ ومن الذي فتح له الباب؟!
وكنت وأنا في ذلك الوقت الذي كنت فيه في السادسة عشرة أو السابعة عشرة من عمري.. كنت أعترض على تلك التصرفات، فكان يقول لي: اذهب لحالك يا صغير! فأنت لازلت فتىً صغيراً، وها أنت تريد أن تنصحنا! فقلت له: لا يهمّني ما الذي تقولونه بشأني، فسواء كنت صغيراً أم كبيراً، فهذا لا يعنيني بشيء، ولا يغيّر الحقيقة وهي: أنَّ عملكم هذا عملٌ خاطئ. فمالك ولهذا الأمر؟! وما هي علاقتك بما يحصل؟! فتعال واستوفِ نصيبك مما يُطرح هنا، وقم بعملك وانصرف، فلماذا تتساءل عن سبب مجيء هذا أو ذاك؟!
وهذا هو الذي أوقع به وقضى عليه؛ فالذي أوقع بذلك الرجل الذي تعرفونه جيداً هي تلك التصرّفات، إذ كان يحشر نفسه في كلّ ما يجري وكان يفكّر في كلّ شيء ما عدا نفسه؛ وهذا على العكس تماماً ممّا كان عليه المرحوم العلاّمة الطهراني الذي لم يكن يعنيه شيء غير أمر نفسه.
فعليكم عدم إشغال تفكيركم بأيّ شيء آخر حتّى ولو لثانية واحدة، فإن حصل ذلك فستكونون قد ارتكبتم خطأً، وحتّى هذه الثانية ستكون كثيرة، لأنَّه وحسب المثل القائل: ألف صديقٍ قليل بينما عدوّ واحدٌ كثير، فقد تشكّل تلك الثانية أو ذلك الوهم أو التخيّل خطراً عليكم.

    

معيارٌ دقيق لتشخيص صحة الطريق وخطئه

ولهذا السبب أُوصينا بالمراقبة؛ فكلّ عملٍ أو تصرّفٍ يزيد من صفائك، ورقّة قلبك، ومحبّتك ومودّتك لأخيك في الله، ورفيق طريقك، ويُقلِّل من الأوهام والتخيّلات، والتوغّل في الأمور الاعتباريّة، فهو يقع في الطريق الصحيح؛ فهذا الأمر هو بمثابة الميزان الذي نستطيع بواسطته تقييم تصرّفاتنا؛ وهذا هو معنى الصراط المستقيم الذي رُسم لنا؛ فإن رأى أحدنا بأنَّ هذا العمل وهذا التصرّف الذي يقوم به الآن يعمل على التقليل من تعلّقه بالدنيا، ويعمل على تراجع هذا الأمر لديه وهو: لماذا لا أمتلك ما يمتلكه غيري؟ أو لماذا يحظى فلان بتلك الرتبة التي أفتقدها؟ أو لماذا يُمنح فلان ذلك المنصب الوظيفي، بينما أبقى أنا مرؤوساً؟ أو لماذا يكون فلاناً مديراً عاماً في الوقت الذي أحتلّ فيه موقعاً وظيفياً أدنى؟
فإن رأى الإنسان انخفاض ميزان حساسيّته تجاه هذه الأمور، ولم يجد في نفسه أيّ تفاوت فيما إن أصبح مديراً عامّاً أو كان مسئولاً عن مجموعةٍ صغيرة، فسيكون هذا مؤشّراً على حصول تبدّل في نفسه وأنَّه أصبح مؤهلاً للتقدّم في مسيره؛ أمّا إن حصل العكس وأخذ بالتساؤل إن رأى بأنَّ أحد زملائه قد نال منصباً ولم يحصل هو على شيء، فأخذ يقول: (ولماذا يحصل مثل هذا الشيء؟ فلعلّه قد تمّ إهمال ملفّي فأخذ طريقه إلى الأسفل وكما هو المعتاد، أو لعلّه قد تمّ تقديم تقرير سلبي عنِّي، يجب أن أتابع هذا الموضوع لكي أقع على السبب الذي أدَّى إلى ما حصل)؛ فإن تمّ مثل هذا الشيء، فعليك مراجعة نفسك أيّها المسكين، لكي تعرف أين تكمن نقطة ضعفك!
فهكذا يجب أن يتصرّف الإنسان لكي يتقدّم في سيره، وعليه أن يعتبر هذا الأمر ميزاناً له يقيس عليه الحال التي هو عليها؛ فإن حصل وحضرتَ مجلساً ورأيت بأنَّك قد اكتسبت حالة من الصفاء والرّقة والروحانية عند خروجك منه، فاعلم بأنَّ هذا المجلس يتوافق مع المسير الذي تطويه؛ أمَّا إن حضرت مجلساً وشعرت بالتعب والضجر والانقباض والثقل في نفسك، وشعرت وكأنَّ جبلاً قد وضع فوق رأسك ـ فيحصل لنا مثل هذا الشيء عندما يتمّ الخوض في مسائل غير لائقة في تلك المجالس، وعندما تتخلّلها الغيبة التي قد ازدادت كثيراً هذه الأيام ـ فعليك مغادرة مثل هكذا مجلس، لأنَّه يكون على خلاف مسيرك الذي أنت عليه.
لقد اتّضح لدينا ـ إلى حدٍّ ما ـ المجال الذي يشمله كلام الإمام الصادق عليه السلام؛ فعرفنا بأنَّ الخطر يهدّدنا نحن بالدرجة الأولى، على أنَّ انعكاس هذا الأمر على المجتمع هو أمرٌ آخر؛ فعلينا وبناءً على ما أشار إليه الإمام عليه السلام أن نعرف بأنَّ العمل بموجب هذه التوصية سيعمل على تثبيت أقدامنا على الطريق الذي نسلكه في المقام الأول، فهو يضع أقدامنا دقيقاً على نفس ذلك المسير الذي يجب أن نتحرّك فيه وننطلق منه نحو الهدف المنشود؛ وفي المقابل فإنَّ التقاعس عن العمل بموجبها سيضع أقدامنا على الطريق المؤدِّي إلى الجهة المعاكسة تماماً لجهة الهدف الذي نبتغي الوصول إليه؛ وبعبارة أخرى فإنَّ الإنسان يجد بأنَّ نفس ذلك العمل الذي كان من المفترض أن يعمل على رفع التكدّر والأوهام والتخيلّات والظلمة عن نفسه، والذي كان يُفترض به أن يعمل على تحريره من تلك السلاسل والقيود التي تقيّده وتشدّه إلى هذه الدنيا، يرى بأنَّه سيعطي تأثيراً معاكساً وسيعمل على زيادة تلك الأغلال.
فترى السالك قد مضى عليه خمسة عشر عاماً في طريق السلوك، غير أنَّه يقوم بأعمالٍ لا يقوم بها حتّى أولئك الذين نشئوا وترعرعوا في الشوارع، وترى آخراً قد أمضى عشرين سنة من عمره مصاحباً فيها للعظماء، غير أنَّه يقوم بأعمالٍ ويتصرّف تصرّفاتٍ يكون صدورها مستبعداً حتّى عن أولئك الأفراد المنحدرين من أحطّ طبقات المجتمع ثقافة؛ فما هو السبب في ذلك؟ إن الجواب على ذلك هو: صحيحٌ أنَّه يستطيع القيام ببعض الأعمال [الخارقة للعادة] وهو يدّعي لنفسه بعض الادّعاءات، غير أنَّه لم يكن يلتزم بالقيام بذلك العمل الأساسي والذي كان من شأنه القضاء على الأنانيّة والميول النفسيّة، بل شغل نفسه بالقيام بأعمال أخرى؛ فتراه يواظب على الإتيان بصلاة الليل وعلى قراءة القرآن أو الإتيان بذكرٍ أو سجدةٍ معينة... [ولكنه يهمل أمر الأنانية في نفسه]
ألم يقل العظماء أنفسهم مراراً وتكراراً ولآلاف المرات بأنَّ الإتيان بالأذكار وبقيّة الأعمال بدون مراعاة أمر المراقبة، سوف لن يكون له أيّ تأثير على حركة السالك، بل وعلى العكس من ذلك، فسيكون له تأثيرٌ سلبيٌّ عليها؛ فيصل بالنتيجة إلى الدرجة التي تجعله يرى نفسه أعلى من ذلك المستوى من أسنان المشط الذي عليه الآخرون، بل يرى نفسه عالية بمقدار ارتفاع شجرة الصنار[6]، وهو يرى رأسه أعلى من رؤوس الآخرين بمقدار ارتفاع جبل دماوند[7]؛ فهل يستطيع أحدٌ والحال هذه من أن يقول له: فوق عينك حاجب؟ إنَّ مثل هذا الرجل قد انتهى أمره!! فما الذي أدَّى به إلى هذا المصير؟ إنَّ كلّ ما حصل له إنَّما كان بسبب إهماله لأمر المراقبة وعدم القيام بها بشكلها الصحيح، فلم يقم بمراعاة أمر المراقبة التي كان من المفترض أن تكون مقترنة مع بقية الأعمال التي كان يقوم بها وملازمةً لها.
أرجوا من الإخوة أن يسمحوا لي باختتام الموضوع عند هذا الحدّ، وسأعمل على إكمال شرحه في المجلس القادم إن شاء الله.
إنَّ الأمر ليس بيدي، فلم يُسمح لي بالحديث بأكثر من هذا المقدار، ويُفترض بي أن أكون مطيعاً، لذا فلا أجد التوفيق يحالفني للحديث بأكثر من هذا.
اللهمَّ صلِّ على محمّد وآلِ محمّد


[1] ـ المثنوي المعنوي، الجزء الأول.

[2] ـ سورة البقرة (2)، جزء من الآية 257؛ سورة المائدة (5)، جزء من الآية 16.

[3] ـ الفرق بين الكلمة الفارسية «نياز» والتي تعني الفقر والحاجة، وكلمة «ناز» والتي تعني الغطرسة والزهو والغنج، هو في وجود ياء إضافية في كلمة «نياز» لا تحتويها كلمة «ناز». (المترجم)

[4] ـ كتاب «گلستان» للشاعر سعدي الشيرازي، الباب الأول.

[5] ـ ورد في تفسير الميزان ج5 ص270، حديث مشهور عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو (لولا تكثير في كلامكم، وتمريج في قلوبكم لرأيتم ما أرى، ولسمعتم ما أسمع). وورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم أيضًا (لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى الملكوت.) [احياء علوم الدين ، الغزالي ، ج 1 ص 232 ، كتاب أسرار الصوم ؛ بحار الانوار ، المجلسي ، ج 70 ص 59] و ورد أيضًا في مسند أحمد بن حنبل ، بإسناده عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليلة أسري بي .. فلمّا نزلت إلى السماء الدنيا ، نظرت أسفل منّي ، فاذا أنا بهَرج ودخان وأصوات. فقلت : ما هذا يا جبرائيل ؟ قال : هذه الشياطين يحومون على أعين بني آدم ، أن لا يتفكروا في ملكوت السموات والارض ، ولولا ذلك لرأوا العجائب [تفسير المحيط الاعظم والبحر الخضم ، ج1 ص 272 ]. و جاء عن سلام بن المستنير قال : كنت عند ابي جعفر الباقر (عليه السلام) فدخل عليه حمران بن أعين ، وسالة عن أشياء ، فلما هم حمران بالقيام ، قال لأبي جعفر (عليه السلام) : أخبرك أطال الله بقاءك وأمتعنا بك، أنا نأتيك فما نخرج من عندك حتى ترق قلوبنا وتسلوا أنفسنا عن الدنيا ، ويهون علينا ما في أيدي الناس من هذه الأموال . ثم نخرج من عندك فإذا صرنا مع الناس والتجار ، أحببنا الدنيا . قال : فقال ابو جعفر (عليه السلام) : إنما هي القلوب ، مرّة تصعب ومرّة تسهل . ثم قال أبو جعفر (عليه السلام)) : أما إن أصحاب محمّد (صلى الله عليه وآله) قالوا : يا رسول الله نخاف علينا النفاق ؟ قال : فقال : ولِم تخافون ذلك ؟ قالوا : إذا كنّا عندك فذكّرتنا ورغّبتنا، وجلنا ونسينا الدنيا وزهدنا حتى كأنّا نعاين الآخرة والجنّة ونحن عندك، فإذا خرجنا من عندك ودخلنا هذه البيوت، وشممنا الأولاد ، ورأينا العيال والأهل، يكاد ان نحول عن الحال التي كنّا عليها عندك، وحتّى كأنا لم نكن على شيء، أفتخاف علينا أن يكون ذلك نفاقاً ؟ فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (كلّا ، إنّ هذه خطوات الشيطان، فيرغبّكم في الدنيا، والله لو تدومون على الحالة التي وصفتم أنفسكم بها لصافحتكم الملائكة ومشيتم على الماء). [الأصول من الكافي ، ج1 ص 423 ، كتاب الإيمان والكفر ، باب في تنقّل أحوال القلب، الحديث : 1 .]

[6] ـ شجرة الصنار هي الشجرة التي تُسمّى بشجرة الدُلب أيضاً. جاء في تاج العروس، ج 1، ص 486 بأنَّ الصنار هو معرّب الكلمة الفارسية جنار، وجاء في مصادر أخرى بأنَّها شجرة معمّرة وغير مثمرة يصل ارتفاعها إلى العشرين أو الثلاثين متراً. [المترجم]

[7] ـ دماوند هو الجبل الذي له أعلى قمّة في إيران، ويقع في الجزء الشمالي منها. [المترجم]

      
  

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی <-- -->