معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
المقالات و المحاضرات > محاضرات العلامة الطهراني > كتاب رسالة المودة > رسالة المودة – المجلس الخامس: لزوم مودّة أهل البيت (عليهم السلام) وفرضها في القرآن والروايات

_______________________________________________________________

هو العليم

رسالة في مودّة ذوي القربى

تفسير آية:
{قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى}

 

المجلس الخامس

من مصنّفات العلاّمة الراحل

آية الله الحاجّ السيّد محمّد الحسين الحسيني الطهراني قدس الله نفسه الزكيّة

_______________________________________________________________

تحميل ملف البد دي أف                                           تحميل الملف الصوتي للمحاضرة

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلّى الله على سيّدنا محمّد و آله الطيّبين الطاهرين
و لعنة الله على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين
و لا حول و لا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم

    

تمهيد:

قال الله الحكيم في كتابه الكريم:
{قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏ وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فيها حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ}
( الآية الثالثة و العشرون من سورة الشورى ، السورة الثانية و الأربعون من القرآن الكريم)
ذكرنا سابقاً في تفسير هذه الآية المباركة رواياتٍ عديدة من طرق الشيعة و السنّة، وتقدّم أنّ في المقام روايات كثيرة وردت في كتب التفسير والحديث عندهم تتحدّث عن لزوم مودّة أهل البيت واتّباع سيرتهم.
فمن ذلك ما رواه الزمخشري في تفسيره "الكشّاف" عن رسول الله صلّى الله عليه و آله وسلّم قال:
من مات على حبّ آل محمّد مات شهيداً. ألا و من مات على حبّ آل محمّد مات مغفوراً له. ألا و من مات على حبّ آل محمّد مات تائباً. ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مؤمناً مستكمل الإيمان. ألا و من مات على حبّ آل محمّد بشّره ملك الموت بالجنّة، ثمّ منكر و نكير.
ألا و من مات على حبّ آل محمّد يزفّ إلى الجنّة كما تزفّ العروس إلى بيت زوجها. ألا و من مات على حبّ آل محمد فتح له في قبره بابان إلى الجنّة. ألا و من مات على حبّ آل محمّد جعل اللّه‏ قبره مزار ملائكة الرحمة. ألا و من مات على حبّ آل محمّد مات على السنّة و الجماعة.
ألا و من مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوبٌ بين عينيه: آيسٌ من رحمة اللّه. ألا و من مات على بغض آل محمّد مات كافراً. ألا و من مات على بغض آل محمّد لم يشمّ رائحة الجنّة
.[1]
و قد نقل الفخر الرازي هذا الحديث أيضا في تفسيره عن الزمخشري و أيّده ثمّ قال: المراد من آل محمّد هم عليّ بن أبي طالب وفاطمة الزهراء والحسن والحسين، وهذا ممّا لا شكّ ولا ترديد فيه والأخبار المتواترة قد تكفّلت بإثباته. وأمّا غيرهم من أقارب النبيّ أو أمّته التي صدّقته بدعوته فلا يمكن إطلاق لقب الآل عليهم. وحيث إنّ الاختلاف قد وقع في صدق الآل عليهم، فيتعيّن أن يكون المقصود قطعاً من الآل هو هؤلاء الأربعة: أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين.[2] ثمّ يشرع بعد بيان هذا الأمر بالاستدلال على وجوب مودّة آل محمّد.
كما روى القندوزي هذا الحديث أيضاً في آخر الباب الثالث من «ينابيع المودّة»، نقلاً عن أبي إسحاق الثعلبي في تفسيره، بسنده عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله البجلي، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله. ثمّ قال القندوزي: أخرجه أيضاً الحمويني بلفظه [في «فرائد السمطين»]، ونقله «فصل الخطاب» و «روح البيان»[3].

    

أبيات الشافعي في حبّ أهل البيت عليهم السلام

و قد أنشأ الشافعي محمّد بن إدريس الأبيات التالية في وجوب محبّة أهل البيت بنصّ القرآن الكريم:
يا آل بيت رسول الله حبّكـم
                             فرض من الله في الـقرآن أنزلـه


كفاكم من عظيم القدر أنّكـم
                             من لم يصلِّ عليكم لا صلاة له[4]



كما يقول الشافعي في موضع آخر:
لو فـتّشوا قلبـي لألـفــوا به
                             سطـرين قد خطّا بلا كاتــب


العدل و التوحيد في جانب
                             و حبّ أهل البيت في جانب[5]



و يفهم من هذه الأشعار بنحوٍ واضحٍ أنّ من المسلّمات عند الشافعي كون وجوب محبّة أهل البيت كوجوب الاعتقاد بالتوحيد والعدل، و أنّه يعتبر أنّ من أصول الشريعة و أسسها كون التديّن بموالاة أهل البيت في نفس رتبة و درجة التديّن بالتوحيد و العدل، فلو لم يلتزم شخص بمحبّتهم ـ عليهم السلام ـ فإنّ إحدى أصول دينه ستكون فاسدة، وبالتالي فكلّ بنائه فاسد؛ لأنّ البناء لا يقوم على قاعدة واحدة دون الثانية كما هو معروف.
كما أنشد الشافعي، متصوّرا إفاضة الحجيج من المشعر الحرام إلى منى في صباح عيد الأضحى :
يا راكباً قف في المحصّب[6] من منى
                             و اهتف بساكن خيفِها و الناهضِ


سحراً إذا فاض الحجيج إلى منى
                             فيضاً كمنهلِّ[7] الفرات الفائــــضِ


و أخبرهم أنّي من النفر الذي
                             لولاء أهل البيت ليس بناقض


إن كان رفضاً حبّ آل محمّد
                             فليشهد الثقلان أنّي رافضي[8] [9]



كما يُنقل عن الشيخ شمس الدين ابن العربي أنّه أنشد الأبيات التالية استناداً إلى الآية المباركة: {قل لا أسئلكم}:
رأيت ولائي آل طه وسيلةً
                             على رغم البعد تورثني القربا


فما طلب المبعوث أجرا على الهدى
                             بتبليغه إلاّ المودّة في القربى[10]

    

بيان المراد من اقتراف الحسنة في الآية:

وأمّا بالنسبة إلى تفسير ذيل الآية المباركة حيث يقول تعالى: {وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فيها حُسْناً}، فقد ورد في تفسير الكشّاف و تفسير الفخر الرازي: أنّ الظاهر من كلمة (حسنة) العموم، إلّا أنّه بقرينة مجيئها عقيب ذكر المودّة في القربى، دلّ ذلك على أنّ المقصود التأكيد على تلك المودّة.[11]
وينقل صاحب «نظم درر السِّمطين» _ في الخطبة التي رواها عن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام التي ألقاها بعد دفن أمير المؤمنين عليه السلام في مسجد الكوفة _ الكلمات التالية التي قالها عليه السلام في آخر الخطبة: «أنا من أهل بيتٍ الذي أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، وأنا من أهل بيتٍ الذين كان جبريل عليه السلام ينزل فينا ويصعد من عندنا، وأنا من أهل بيتٍ الذين فرض الله تعالى مودّتهم على كلّ مسلم، وأنزل الله فيهم: { قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏ وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فيها حُسْناً}، واقتراف الحسنة مودّتنا أهل البيت».[12]
هذا وقد أورد هذه الخطبة كلّ من ابن أبي الحديد في «شرح نهج البلاغة» ج 17 ص 30، والقندوزي في «ينابيع المودّة» طبع النجف ، ص 8 ، كما وردت في تفسير «مجمع البيان» ج 5 ، ص 29.
وقد روى صاحب «المجمع» هذه الخطبة عن الإمام الحسن عليه السلام بطريق صحيح، ثمّ أضاف أنّ أبا حمزة الثمالي والسدّي فسّرا الحسنة بمودّة آل محمّد.
كما ورد في التفاسير أنّ قوله تعالى: {والله غفور شكور} لأهل ولايتهم.

    

أدلّة لزوم مودّة أهل البيت عليهم السلام:

هذا، وقد أورد الزمخشري في تفسيره عدّة وجوه للاستدلال على وجوب مودّة أهل البيت عليهم السلام من الآية الكريمة:
الأوّل: ما روي عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنّه قال: «شكوت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم حسد الناس لي. فقال: أما ترضى أن تكون رابع أربعة: أوّل من يدخل الجنة أنا وأنت والحسن والحسين‏».[13]
الثاني: ما روي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال: «حرمت الجنّة على من ظلم أهل بيتي و آذاني في عترتي»‏.
الثالث: قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: «من مات على حبّ آل محمّد مات شهيداً...» إلى آخر الرواية التي أوردناها في مطلع البحث.
يقول المرحوم السيّد عبد الحسين شرف الدين: وأخرج أحمد بن حنبل ـ كما في «الصواعق» أيضاً ـ عن ابن عبّاس في قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فيها حُسْناً} قال: هي المودّة لآل محمّد. وأخرجه ابن أبي حاتم ـ كما في «الشرف المؤبّد»[14] ـ عن ابن عبّاس أيضاً.
وعن أبي حمزة الثمالي في تفسيره، عن ابن عبّاس: (أنّه حين استحكم الإسلام بعد الهجرة، قالت الأنصار: نأتي رسول الله فنقول له: قد تعروك أمور، فهذه أموالنا تحكم فيها كيف شئت، فأتوه بذلك، فنزلت الآية فقرأها عليهم، وقال: «تودّون قرابتي من بعدي». فخرجوا مسلّمين لقوله. و قال المنافقون: إنّ هذا لشيء افتراه في مجلسه أراد به أن يذلّلنا لقرابته من بعده، فنزلت {أم يقولون افترى على الله كذباً} الحديث. و قد أخرج الثعلبي و البغوي ـ كما في «الصواعق» ـ عن ابن عباس أيضا مثله).
ثم يقول السيّد شرف الدين: (قاتل الله الحسد يورد أهله الدرك الأسفل من النار. أنظر كيف خرج هؤلاء من الدين كذّبوا ـ حسداً لأولياء الله ـ نبيّهم وهو الصادق الأمين، فأنزل الله تعالى في نفاقهم قرآناً يتلوه المسلمون آناء الليل وأطراف النهار، ومع ذلك فإنّ بذرة أهل النفاق والحسد قد أجذرت بتعاهد أولي السلطة لها ـ من بني اُميّة وغيرهم ـ بما يستوجب نموّها، وجمهور المسلمين غافلون، فالتبس الأمر، ووقعت الشبهة. وإنّما دخل البلاء باعتماد الجمهور على من كان في الصدر الأوّل، وبنائهم على عدالة كلّ فردٍ فرد ممّن كانت له صحبة، مع ما يتلونه في الكتاب والسنّة من شؤون المنافقين، وتربّصهم الدوائر بسيّد النبيّين و المرسلين صلّى الله عليه وآله.
واشتدّ البلاء بالمنع من الخوض في تلك الأحوال، وسدّهم باب البحث عن حقائق أولئك الرجال، فضيّعوا على أنفسهم كثيرا من الحقائق، وربما نسجوا ـ من حيث لا يقصدون ـ على منوال كلّ منافق، ولذلك اختلفوا في هذه الآية، مع ما سمعت بعضه من النصوص الجليّة في نزولها بمودّة العترة الزكيّة.)[15]
انتهى كلام العلاّمة السيّد عبد الحسين شرف الدين، والحقّ أنّه كان بحثاً علميّاً ومتقناً.
وقد روى محمّد بين يعقوب الكليني في «الكافي» عن الإمام الصادق عليه السلام:
قال عليه السلام: «ما يقول أهل البصرة في هذه الآية: { قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏ وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً} ـ الآية؟» قيل: إنّهم يقولون: لأقارب رسول الله صلّى الله عليه وآله. قال: «كذبوا، إنّما أنزلت فينا خاصّة في أهل البيت: في عليّ وفاطمة والحسن والحسين أصحاب الكساء».[16]
وفي كتاب «المحاسن» للبرقيّ رُوي عن الباقر عليه السلام: أنّه سئل عن هذه الآية فقال: هي والله فريضة من الله على العباد لمحمّد صلّى الله عليه وآله في أهل بيته.[17]
كما روى في «الكافي» عن الإمام الباقر عليه السلام: أنّه سئل عن هذه الآية فقال: «هم الأئمّة عليهم السلام».

    

تأكيد الخاصّة والعامّة على لزوم محبّة ذوي القربى:

ويلاحظ أنّ مفاد الأخبار الواردة عن الخاصّة والعامّة حول ذوي القربى ووجوب مودّتهم مفاد واحد، ولم يدّع الشيعة في ذلك شيئاً يزيد على ما ذكره كبار أهل السنّة في كتبهم، وهذا بنفسه دليل على أنّ وجوب مودّة آل محمّد أمر قد أوصى به نفس رسول الله صلّى الله عليه وآله أمّته بنحو مسلّم وقطعيّ.
غير أنّ أعداء آل محمّد قد عزموا منذ اليوم الأوّل على أذى آل محمّد، فسلبوهم كامل حقوقهم من الولاية الكبرى وخلافة رسول الله، حتّى أنّهم منعوهم من الخمس وميراث رسول الله، وصبّوا عليهم الآلام والمصائب من كلّ جانب وعرّضوهم للضغوط الفادحة.
قل للمغيّب تحت أطباق الثرى
                             إن كنت تسمع صرختي وندائيا


صبّت عليّ مصائب لو أنّها
                             صبّت على الأيام صرن لياليا

    

امتناع عليّ عليه السلام عن البيعة ، وإيذاء الزهراء عليها السلام:

يقول ابن قتيبة الدينوريّ المتوفّى سنة 276 للهجرة في حديثه عمّا جرى بعد امتناع عليّ من البيعة: قام عمر فمشى معه جماعة حتّى أتوا باب فاطمة عليها السلام، فدقّوا الباب؛ فلمّا سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها باكية: يا رسول الله، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطّاب وابن أبي قحافة.[18] وبعد أن عجزوا عن أخذ البيعة من عليّ يتابع فيقول: فلحق عليّ بقبر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يصيح ويبكي وينادي: يا بن أمّ، إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني.[19]
وقال: إنّ أبا بكر رضي الله عنه تفقّد قوماً [20] تخلّفوا عن بيعته عند علي كرّم الله وجهه، فبعث إليهم عمر، فجاء فناداهم وهم في دار علي، فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب و قال: والذي نفس عمر بيده، لتخرجنّ أو لأحرقنّها على من فيها. فقيل له: يا أبا حفص، إنّ فيها فاطمة! قال: وإنْ. فخرجوا فبايعوا إلاّ عليّاً فإنّه زعم أنّه قال: حلفت أن لا أخرج ولا ثوبي أضع على عاتقي حتّى أجمع القرآن. فوقفت فاطمة رضي الله عنها على بابها فقالت: لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضراً منكم، تركتم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جنازة بين أيدينا، وقطعتم أمركم بينكم، لم تستأمرونا ولم تردّوا لنا حقّاً.[21]
يقول ابن أبي الحديد: ثمّ دخل عمر فقال لعليّ: قم فبايع، فتلكّأ[22] واحتبس[23]، فأخذ بيده، وقال: قم، فأبى أن يقوم، فحمله ودفعه كما دفع الزبير. ثمّ أمسكهما خالد، وساقهما عمر ومن معه سوقاً عنيفاً، واجتمع الناس ينظرون، وامتلأت شوارع المدينة بالرجال. ورأت فاطمة ما صنع عمر، فصرخت وولولت، واجتمع معها نساء كثير من الهاشميّات وغيرهن، فخرجت إلى باب حجرتها، ونادت: يا أبا بكر، ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله. والله لا أكلّم عمر حتّى ألقى الله.[24]

    

أبيات في حبّ أهل البيت عليهم السلام:

وما أروع ما أنشد الأزري في ذلك حيث قال:
لا تلمني يا سعد في مقت قومٍ
                             ما وفت حقّ أحمد إذ وفاها


أو ما قال عترتي أهل بيتي
                             احفظوني في برّها وولاها


نازعوه حيّاً وخانوه ميّتاً
                             يا لتلك الحظوظ ما أشقاها



إلى أن يقول:
نقضوا عهد أحمد في أخيه
                             وأذاقوا البتول ما أشجاها


وهي العروة التي ليس ينجو
                             غير مستعصم بحبل ولاها


لم ير الله للنبوّة أجراً
                             غير حفظ الوداد في قرباها


لست أدري إذ روّعت وهي حسرى
                             عاند القوم بعلها وأباها


يوم جاءت إلى عدي وتيم
                             ومن الوجد ما أطال بكاها


فدعت واشتكت إلى الله شجواً
                             والرواسي تهتزّ من شكواها


إلى أن يقول:
أيّها القوم راقبوا الله فينا
                             نحن من روضة الجليل جناها


إلى أن يقول:
أيّها الناس أيّ بنت نبيّ
                             عن مواريثه أبوها زواها


كيف يزوي تراثي عنّي عتيق
                             بأحاديث من لدنه افتراها


إلى أن يقول:
أيّ شيء عبدتم إذ عبدتم
                             أن يولّى تيم على آل طه


هذه البردة التي غضب الله
                             على كلّ من سوانا ارتداها


إلى أن يقول:
علم الله أنّنا أهل بيت
                             ليس تأوي دنيّة مأواها


إلى أن يقول:
ولأيّ الأمور تدفن سرّاً
                             بضعة المصطفى ويعفى ثراها


فمضت وهي أعظم الناس وجداً
                             في فم الدهر غصّة من جواها


وثوت لا يرى لها الناس مثوى
                             أيّ قدس يضمّه مثواها[25]


[1] ـ تفسير الكشّاف ج 4 ، ص 220؛ و كذلك ورد في (روح البيان) ج 8 ، ص 312؛ و كذلك ورد عن رسول الله في ( التفسير المنسوب إلى محي الدين ابن العربي) ص 433 ؛ و كذلك أورده أبو الفتوح الرازي في تفسيره ج 10 (من الطبعة الحاوية لاثني عشرة مجلّداً) ص 57. كما أورده آية الله السيّد عبد الحسين شرف الدين في (الفصول المهمّة) الطبعة الخامسة ، ص 42 و 43، مع تخريج الثعلبي في تفسيره الكبير بإسناده إلى جرير بن عبد الله البجلي، ثمّ قال: وقد أرسله الزمخشري في تفسير آية المودّة في القربى من سورة الشورى من كشّافه إرسال المسلّمات ، ورواه المؤلّفون في المناقب والفضائل مرسلاً مرّة ومسنداً تارات. ثمّ قال: وأنت تعلم أنّ هذه المنزلة السامية إنّما ثبتت لهم لأنّهم حجج الله البالغة، ومناهل شرائعه السائغة وأمناؤه بعد النبي (ص) على وحيه، وسفراؤه في أمره ونهيه، فالمحبّ لهم بسبب ذلك محبّ لله والمبغض لهم مبغض لله. ومن هنا قال فيهم الفرزدق: من معشر حبّهم دين وبغضهم كفر وقربهم منجى ومعتصم إن عدّ أهل التقى كانوا أئمتهم أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم هذا و قد أفاد السيّد عبد الحسين شرف الدين في تعليقته بأن المراد من آل محمّد و أتبع ذلك بوصيّة رائعة يوصي بها أولاده.

[2] ـ تفسير الفخر الرازي ، ج 27 ، ص 166. [ و نقل سماحة العلاّمة عن تفسير الفخر الرازي بالمعنى، و ما ورد أعلاه ترجمة لما أورده رضوان الله عليه، آثرنا نقله كما هو، و فيما يلي نصّ ما ورد في تفسير الفخر الرازي، حيث قال بعد نقل الحديث المذكور: (هذا هو الذي رواه صاحب " الكشاف " ، وأنا أقول : آل محمّد صلّى الله عليه وسلم هم الذين يؤول أمرهم إليه، فكلّ من كان أمرهم إليه أشد وأكمل كانوا هم الآل، ولا شكّ أنّ فاطمة وعليّاً والحسن والحسين كان التعلّق بينهم وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلم أشدّ التعلّقات وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر، فوجب أن يكونوا هم الآل. وأيضاً اختلف الناس في الآل فقيل: هم الأقارب وقيل هم أمّته، فإن حملناه على القرابة فهم الآل، وإن حملناه على الأمّة الذين قبلوا دعوته فهم أيضا آل، فثبت أنّ على جميع التقديرات هم الآل، وأمّا غيرهم فهل يدخلون تحت لفظ الآل ؟ فمختلف فيه .). (المترجم)]

[3] ـ ينابيع المودّة ، طبع النجف ، ص 29.

[4] ـ ذكر في التعليقة على مقدّمة (ينابيع المودّة) أنّ هذه الأشعار للشافعي، كما نقلت عنه هذه الأشعار في كلّ من (الصواعق المحرقة) ص 146 ، و (نور الأبصار) ص 105 ، و (إسعاف الراغبين) المطبوع في حاشية نور الأبصار ص 118، (شرح المواهب) للزرقاني ، ج 7 ، ص 7 و غيرها من الكتب.

[5] ـ ينابيع المودّة، طبع النجف ، ص 568.

[6] ـ يقول في (مجمع البحرين): و في الحديث: «فرقد رقدة بالمحصّب» ، هو بضم الميم و تشديد الصاد موضع الجمار عند أهل اللغة، و المراد به هنا كما نصّ عليه بعض شرّاح الحديث الأبطح؛ إذ المحصّب يصحّ أن يقال لكلّ موضع كثيرة حصباؤه، والأبطح مسيل واسع فيه دقاق الحصى، و هذا الموضع تارة يسمى بالأبطح و أخرى بالمحصّب، أوّله عند منقطع الشعب من وادي منى و آخره متّصل بالمقبرة التي تسمّى عند أهل مكّة بالمعلّى، وليس المراد بالمحصّب موضع الجمار بمنى؛ و ذلك لأنّ السنّة يوم النفر من منى أن ينفر بعد رمي الجمار وأوّل وقته بعد الزوال و ليس له أن يلبث حتّى يمسي، وقد صلّى به النبيّ المغرب‏ والعشاء الآخرة وقد رقد به رقدة، فعلمنا أنّ المراد من المحصّب ما ذكرناه‏. ويقول في (لسان العرب) : المُحصَّب: موضع رَمْيِ الجِمار بِمِنىً، و قيل: هو الشِّعْبُ الذي مَخْرَجُه إلى الأَبْطَحِ، بين مكّة ومِنى‏. ومن المعلوم أنّ مراد الشافعي من المحصّب هو موضع رمي الجمار؛ وذلك أنّه يقول: (قف في المحصّب من منى، واهتف بساكن خيفِها والناهضِ، سحراً إذا فاض الحجيج إلى منى) ومن الواضح أنّ الحجيج في السحر يذهبون من المشعر الحرام إلى منى وليس من منى إلى مكّة.

[7] ـ أوردها الآلوسي في تفسيره بلفظ (كمُلتَطَم) ، أمّا الفخر الرازي فقد أورده كما في المتن.

[8] ـ تفسير الفخر الرازي ج 27 ، ص 166 ؛ و (ينابيع المودّة) طبع النجف ، ص 568 ، نقلاً عن ابن حجر. و قد أورد ابن حجر الهيتمي في (الصواعق المحرقة) ص 79 البيت الأول و الثاني و الرابع. ثمّ يقول ابن حجر بعد نقله لأبيات الشافعي : قال البيهقي: وإنّما قال الشافعي ذلك حين نسبه الخوارج إلى الرفض حسداً وبغياً. وله أيضاً: وقد قال المزني: إنّك رجلٌ توالي أهل البيت فلو عملتَ في هذا الباب أبياتاً فقال: و ما زال كتماً منك حتّى كأنّني بردّ جواب السائلين لأعجمُ و أكتم ودّي مع صفاء مودّتي لتسلم من قول الوشّاء و أسلم كما أنشد أيضاً: قالوا ترفّضت قلتُ كلاّ ما الرفض ديني و لا اعتقادي لكنْ تولّيت من غير شكٍّ خيرَ إمام و خير هادي إن كان حبّ الوليِّ رفضا فإنّني أرفض العباد

[9] ـ نقل المستشار عبد الحليم الجندي في كتابه ( الإمام جعفر الصادق) البيتين الأوّل و الرابع واضعاً نقطاً بينهما للدّلالة على تخلّل بيت بينهما، وأورد البيت الأوّل بالشكل التالي: (واهتف بقاعد خيفها والناهض) وقال قبل نقل الأشعار: وسمع العالَم الشافعيَّ في جامع عمرو يهتزّ تحنّناً إلى أبناء عليّ في الحجاز فينشد ...

[10] ـ مقدّمة ينابيع المودّة، طبع النجف، ص 4، نقلاً عن (الصواعق المحرقة) ص 168.

[11] ـ تفسير الكشّاف ج 4، ص 221؛ وتفسير الفخر الرازي ج 27، ص 167.

[12] ـ نظم درر السمطين ص 148 .

[13] ـ روى هذا الحديث الشيخ إسماعيل حقّي بروسوي أيضا في (روح البيان) ج 8 ، ص 311.

[14] ـ راجع منه صفحة 95.

[15] ـ الفصول المهمّة ص 222 و 223.

[16] ـ ـ تفسير الصافي، ج2 ، ص 513.

[17] ـ ـ المصدر نفسه.

[18] ـ ـ الإمامة والسياسة، ج1 ، ص 13.

[19] ـ ـ المصدر نفسه.

[20] ـ ـ [يقول آية الله السيّد عبد الحسين شرف الدين العامليّ في كتاب الفصول المهمّة ص 45 حتى ص 47، في ذكر طائفة من أهل التأويل ممّن امتنع عن البيعة وتخلّف عنها ولم يوجب ذلك قدحاً في عدالته عند العامّة: هذا أبو ثابت سعد بن عبادة العقبي البدري سيّد الخزرج ونقيبهم وجواد الأنصار وعظيمهم، تخلّف عن بيعة الخليفتين، وخرج مغاضباً إلى الشام فقتل غيلة بحوران سنة 15 للهجرة ، وله كلام يوم السقيفة وبعده نلفت الطالبين له إلى كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة أو إلى تاريخ الطبري أو كامل ابن الأثير أو غيرها من كتب السير والأخبار؛ فإنّي لا أظنّه يخلو من كتاب يشتمل على ذكر السقيفة وكلّ من ذكر سعداً من أهل التراجم ذكر تخلّفه عن البيعة، ومع ذلك لم يرتابوا في كونه من أفضل المسلمين وعدول المؤمنين، وما ذاك إلّا لكونه متأوّلاً، فهو معذور عندهم وإن كان مخطئاً. وهذا خبّاب بن المنذر بن الجموح الأنصاريّ البدريّ الأحدي، تخلّف عن البيعة أيضاً كما هو معلوم بحكم الضرورة من تاريخ السلف، فلم يقدح ذلك في عدالته ولا أنقص من فضله ، وهو القائل : أنا جذيلها المحكك ، وعذيقها المرجّب ( 1 ) أنا أبو شبل في عرينة الأسد، والله لئن شئتم لنعيدنّها جذعة. وله كلام آخر رأينا الإعراض عنه أولى ، ولولا معذرة المتأوّلين ما كان أهل السنّة ليقطعوا بأنّ هذا الرجل من أفاضل أهل الجنّة، ومع مكاشفته للخليفتين بما هو مبسوط في كتب الفريقين. وهذا أمير المؤمنين عليه السلام، وعمّه العبّاس وبنوه، وعتبة بن أبي لهب ، وسائر بني هاشم ، وسلمان الفارسي ، وأبو ذرّ ، والمقداد ، وعمّار ، والزبير ، وخزيمة بن ثابت ، وأبي بن كعب ، وفروة بن عمرو بن ودقّة الأنصاري ، وخالد ابن سعد بن العاصّ، والبراء بن عازب ، ونفر غيرهم تخلّفوا عن البيعة أيضا بحكم ما تواتر من الأخبار واتّضح اتّضاح الشمس في رابعة النهار، وقد نصّ الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما ( 2 ) على تخلّف علي عن البيعة حتّى لحقت سيّدة النساء بأبيها صلّى الله عليه وآله وانصرفت عنه وجوه الناس . وصرّح بتخلّفه المؤرّخون كابن جرير الطبري في موضعين من أحداث السنة الحادية عشرة من تاريخه المشهور ، وابن عبد ربّه المالكي في حديث السقيفة من الجزء الثاني من العقد الفريد ( 3 ) وابن قتيبة في أوائل كتابه الإمامة والسياسة وابن الشحنة حيث ذكر بيعة السقيفة في كتابه " روضة المناظر " ( 4 ) وأبي الفداء حيث أتى على ذكر أخبار أبي بكر وخلافته في تاريخه الموسوم بالمختصر في أخبار البشر ونقله المسعودي في مروج الذهب عن عروة بن الزبير في مقام الاعتذار عن أخيه عبد الله ( 5 ) إذ همّ بتحريق بيوت بني هاشم عليهم حين تخلّفوا عن بيعته ، ورواه الشهرستاني عن النظّام عند ذكره للفرقة النظاميّة في كتابه الملل والنحل، وأورده ابن أبي الحديد المعتزلي الحنفي في أوائل الجزء السادس من شرح النهج ( 6 ) ، ونقله العلّامة في نهج الصدق عن كتاب المحاسن وأنفاس الجواهر وغرر ابن خزابة وغيرها من الكتب المعتبرة ، وأفرد أبو مخنف لبيعة السقيفة كتاباً على حدة فيه تفصيل ما أجملناه من تخلّف علي عن البيعة وعدم إقراره لهم بالطاعة. ( 1 ) ـ الجذيل مصغّر جذل: عود ينصب للجرباء لتحتك به. والعذيق مصغر عذق: قنو النخلة. والمرجّب : المبجّل، والتصغير هنا للتعظيم. (تعليقة) ( 2 ) ـ راجع أواخر باب غزوة خيبر في صفحة 36 من الجزء الثالث من صحيح البخاري المطبوع في مصر سنة 1309 وفي هامشه تعليقة السدي، أو باب قول النبي (ص): «لا نورث ما تركنا فهو صدقة» من كتاب الجهاد والسير من صحيح مسلم في صفحة 72 من الجزء الثاني طبع مصر سنة 1327 تجد التصريح بتخلّفه عن البيعة مسنداً إلى أمّ المؤمنين عائشة (رض).(تعليقة) ( 3 ) ـ في ص 197 من النسخة المطبوعة في مصر سنة 1305 وفي هامشها زهر الآداب .( تعليقة) ( 4 ) ـ هذا الكتاب ومروج الذهب مطبوعان في الهامش من كامل ابن الأثير، أمّا مروج الذهب فمطبوع مع الخمس الأوّل من مجلّدات الكامل، وهذا الكتاب أعني تاريخ ابن الشحنة في هامش المجلّد الأخير المشتمل على جزء 11 وجزء 12 ، وما نقلناه عنه هنا موجود في صفحة 112 من الجزء الحادي عشر فراجع .( تعليقة) ( 5 ) ـ عرفت أنّ مروج الذهب مطبوع في هامش ابن الأثير ، وما نقلناه الآن عنه موجود في آخر صفحة 259 من الجزء السادس فراجع .(تعليقة) ( 6 ) ـ في أوائل الصفحة الخامسة من المجلّد الثاني من الشرح طبع مصر .(تعليقة)]

[21] ـ ـ الإمامة والسياسة، ج1، ص 12 و13.

[22] ـ ـ تلكّأ عن الأمر: أبطأ وتوقّف.

[23] ـ ـ احتبس في الكلام: توقّف.

[24] ـ ـ شرح نهج البلاغة طبع دار إحياء الكتب العربيّة، ج2، ص 19، وكذا في ج1 ص124.

[25] ـ ـ ديوان الأزري ص 157 إلى ص 160.

      
  

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی <-- -->