الفيديو المحاضرات سؤال و جواب معرض الصور صوتيات المكتبة اتصل بنا الرئیسیة
  الخمیس  16 رمضان  1445 - Thers  28 Mar 2024
البحوث المنتخبة    
كتاب المتقين    
موقع المتقين > الحديث والروايات والدعاء > الجزيرة الخضراء.. رواية موضوعة


_______________________________________________________________

هو العليم

نقد رواية الجزيرة الخضراء للإمام المهدي عجل الله فرجه

سماحة العلامة

آية الله السيد محمد الحسين الحسيني الطهراني رضوان الله عليه

_______________________________________________________________

تحميل ملف البد دي أف تحميل ملف البد دي أف

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

الجزيرة الخضراء حكاية خياليّة

من الموضوعات الخياليّة و الأساطير المزيّفة حول وجود قائم آل محمّد عجّل الله تعالى فرجه الشريف قصّة البحر الأبيض، و الجزيرة الخضراء، و مثلّث برمودا، التي تتداولها الألسن، و تُطرح حولها مطالب على المنابر بلا سندٍ معتبر، حتى ذكر بعض الكتب مسائل كلّها خالية من الحقيقة.
إنّ الجزيرة الخضراء كانت في غرب الأندلس مركزاً للمهديّ خليفة الفاطميّين، و هي الآن مغمورةٌ بالماء.
كانت هذه الجزيرة مركزاً للمهديّ الذي اضيفت إليه كلمة القائم فصارت مركزاً للمهديّ القائم، ثمّ قالوا بعد ذلك: لا بدّ للمهديّ من زوجة إذ لا يمكن أن لا يعمل إمام الزمان بسُنّة النبيّ، و له أولاد و أحفاد وَ هَلُمَّ جَرَّاً.
كما أنّ مثلّث برمودا خليجٌ تحته مغناطيس متحرّك يجذب كلّ باخرةٍ و أحياناً كلّ طائرةٍ تمرّ من هناك.
مَن الذي قال: إن تلك الجزيرة هي محلّ إقامة الإمام عليه السلام؟! و اليوم يصوّرون كلّ نقطةٍ من الأرض بالأقمار الصناعيّة حتى قالوا: إن في إيران عدداً من البحيرات غير موجودة على الخارطة، و قال البعض: يمكن أن تكون سدوداً انشئت حديثاً ثمّ اتّخذت شكل البحيرات.
لماذا تُسقط الجزيرة الخضراء في مثلّث برمودا الطائرات و تُغرق البواخر حتى لو كان جميع ركّابها مشركين!؟ أليس إمام العصر و الزمان مركزاً للعدل و موئلًا للرحمة!؟ إنّه لا يقتل أحداً حتى الكفّار الحربيّين فضلًا عن المستضعفين ما لم يُلقِ الحجّة و يُقمِ البرهان!
ألم يقرأ الإمام قوله تعالى: وَ مَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حتى نَبْعَثَ رَسُولًا. [1]
يخاف الكثيرون هذا اليوم من ظهور الإمام. يقولون: إذا ظهر فإنّه يقتلنا. و هذه العقيدة الخرافيّة باطلة. فهو لا يقتل أحداً ما لم يلق عليه الحجّة. إنّه لا يقتل أهل الدين، بل يقتل المنكرين و المعاندين و الأعداء. فلماذا نفرّ من ظهوره؟! نحن ننتظر الفَرَجَ لينظر إلينا بعين الرحمة و يُحيي أرواحنا و نفوسنا و يملأها سروراً و نضارة و عشقاً إلهيّاً!
و لم يذكر المجلسيّ في «بحار الأنوار» قصّة الجزيرة الخضراء ضمن الاصول المعتبرة و الروايات الواردة عنها، بل يصرّح أنّه لم يجد سنداً يدلّ على صحّتها، لذا أفرد لها باباً مستقلًّا تحت عنوان أشياء موجودة بلا سند. و أورد أنّه وجد هذه الرسالة المشتهرة بقصّة الجزيرة الخضراء في البحر الأبيض و أحبّ ذكرها. و بلغ كلام صاحب الرسالة (و هو مجهول) بقوله:
فقد وجدتُ في خزانة أميرالمؤمنين عليه السلام و سيّد الوصيّين و حجّة ربّ العالمين و إمام المتّقين علي بن أبي طالب عليه السلام بخطّ الشيخ الفاضل و العالم العامل الفضل بن يحيى بن عليّ الطيِّبيّ الكوفيّ قدّس الله روحه ما هذا صورته ....
و ذكر المحدّث النوريّ رحمه الله هذه القصّة في كتاب «النجم الثاقب» مفصّلًا، و قال في آخرها: نقل العلّامة المجلسيّ في «البحار» و الفاضل الخبير الميرزا عبد الله الأصفهانيّ في «رياض العلماء» عن رسالة الجزيرة الخضراء أنّ صاحب الرسالة قال: فقد وجدتُ بخطّ الشيخ الفاضل- إلى آخر الموضوع، و لم يشيرا إلى اسم الواجد و ُولًاكتفيا بهذا القدر في الاعتبار. ولكنّ الفاضل الصالح آغاخوند ملّا كاظم هزار جريبي، تلميذ الاستاذ الأكبر العلّامة البهبهانيّ، قال في مناقبه: إن هذه الحكاية منقولة عن خطّ الشيخ الأجلّ الأفضل ... محمّد بن مكّي المشهور بالشهيد كما نقل جمع من المؤمنين التقاة الثقات المعتمدين بلفظ عربيّ. [2]
إلى أن قال: و أمّا الفضل بن يحيى راوي أصل الحكاية بعده فهو من العلماء المعروفين. قال الشيخ الحرّ: هو فاضل عالم جليل، روى «كشف الغمّة» عن مؤلِّفه عليّ بن عيسى الإربليّ و كتبه بخطّه، و له إجازة منه. سنة ستمائة و إحدى و تسعين- إلى آخر الكلام. [3]
و أنا أقول: أوّلًا: إن جلالة الفضل بن يحيى و علمه و فضله كلّ ذلك لا يُضفي على الرسالة اعتباراً، لأنّ الرجل الراوي عنه مجهول لا هو نفسه مجهول. و الوضّاع يختلقون الحديث على لسان رجل مشهور و معتمد، لا على لسان كلّ أحد.
ثانياً: لا جَرَمَ أنّ نقل آغا خوند ملّا كاظم هزار جريبي عن جمع من المؤمنين التقاة الثقات الذين رووا رسالة الشهيد غير صحيح، لأنّ الشهيد وُلد سنة 734 و استُشهد سنة 786، و هو في الثانية و الخمسين من عمره، [4] و ذكر مُنشئ الرسالة أنّه أنشأها سنة 699. فالشهيد وُلد بعد حكاية الجزيرة الخضراء بخمس و ثلاثين سنة، فكيف يمكن أن يكون راوياً للرسالة؟! يضاف إلى ذلك أنّنا نجد في نصّ الرسالة موضوعات تخالف الحقيقة.

موضوعات خرافة جزيرة الخضراء

إذا دقّقنا في مضمون هذه الرسالة تبيّنت لنا موارد تخالف الحقيقة و الواقع لا محالة، و نشير هنا إلى أربعةٍ منها:
الأوّل: يسأل السائل رجلًا من داخل الجزيرة الخضراء فيقول: كيف دخل مذهب الشيعة إليكم؟! و يجيب: دخل عن طريق أبي ذرّ الغفاريّ عندما نفاه عثمان إلى الشام و نفاه معاوية إلى منطقتنا. في حين نحن نعلم أنّ معاوية نفى أبا ذرّ إلى أطراف الشام و فلسطين، أي: إلى منطقة جبل عامل، لا إلى الأندلس. و الأندلس لم تفتح في عهد معاوية بعد، و بينها و بين جبل عامل آلاف الكيلومترات [5]
الثاني: تُصرِّح الرسالة بوضوح أنّ في القرآن الكريم تحريفاً لفظيّاً، و هذا خلاف الحقيقة. [6]
الثالث: يبدو من أوّل الرسالة ص 162 أنّ هذا الشخص المسافر إلى الجزيرة كان يدرس في دمشق و هو أعزب، لكن نجد العكس من هذا في ص 172. ففيها يقول صاحب الجزيرة له: إنَّكَ ذو عَيالٍ وغِبتَ عنهم مدَّةً مديدةً و لا يجوز التخلُّف عنهم أكثر من هذا!
الرابع: أنَّ عدد امراء الجيش الذي كان يتحرَّك وسط الشهر في يوم الجمعة و يُثير الفوضى على ما قال صاحب الجزيرة ثلاثمائة شخص فيحتاج إلى ثلاثة عشر شخصاً حتى يظهر الإمام.. و لمّا كانت هذه القضيّة وقعت سنة 699 فالآن نحن في سنة 1414، و قد مرَّ عليها 715 سنة، فكيف لم يكتمل العدد؟! إذا كان اولئك الثلاثمائة شخص كأمثلة لا كأشخاص بأعيانهم، فلماذا ظهر ثلاثمائة فقط خلال 400 سنة مرّت على غيبة الإمام و لم يلتحق بهم ثلاثة عشر خلال 715 سنة؟! و إذا كانوا أشخاصاً بأعيانهم، فلابدّ أن يضاف إليهم ثلاثة عشر في تلك السنوات بسرعةٍ و يظهر الإمام!
قال المرحوم المحدّث النوري رحمه الله: نقل في مجلّد السماء و العالم من «البحار» عن كتاب تقسيم أقاليم الأرض و البلدان لأحد علماء السنّة أنّه قال: «بلد المهديّ» حسنٌ و محكم، بناه المهديّ الفاطميّ و جعل له قلعة، كما جعل له أبواباً من حديد يزيد حديد كلّ باب على مائة قنطار. و لمّا بناه و أحكمه قال: الآن اطمأننتُ على الفاطميّين. [7]
قال المعلّق على هذا الجزء من كتاب «بحار الأنوار» للمجلسيّ: العالم المتضلّع الخبير الشيخ محمّد باقر البهبوديّ في تعليقه على هذا القسم من الكتاب:
هذه قصّة مصنوعة تخيليّة قد سردها كاتبها على رسم القصّاصين. و هذا الرسم معهود في هذا الزمان أيضاً يسمّونه (رمانتيك) و له تأثير عظيم في نفوس القارئين لانجذاب النفوس إليه، فلا بأس به إذا عرف الناس أنّها قصّة تخيليّة! [8]
و مرّ آية الله المحقّق الخبير الميرزا أبوالحسن الشعرانيّ على هذا الموضوع مشيراً إشارة عابرة إلى أنّه و هم، و ذكره آية الله الشيخ حسن حسن زاده الآمليّ. [9]

حياة الإمام المهديّ و إمامته أظهر من الشمس‏

أجل، إن وجود الإمام المهديّ الحجّة بن الحسن العسكريّ عجّل الله تعالى فرجه الشريف مطلب برهانيّ بدليل العقل من الأحاديث المتواترة المستفيضة الثابتة بإجماع الامّة. فما حاجة الشيعة إلى نقل أدلّة و موضوعات ضعيفة لا شأن لها في كتبهم؟!
و هل لهذا الضرب من الروايات، التي تدور حول الجزيرة الخضراء و هي مخالفة للواقع و الحقيقة، إلّا استهزاء المعاندين و الأعداء و سخريتهم بنا؟!
و عندما يهتدي الاستاذ الفرنسيّ البروفيسور هنري كوربان المتخصّص في الشؤون الشيعيّة إلى المذهب الشيعيّ بسبب اعتقاده بوجود إمام العصر و الزمان الحيّ فحسب، و يعدّ المذهب المذكور من أكثر المذاهب أصالةً في العالم، و يقيم الدليل العقليّ على ذلك الأساس، فليس لنا أن نتجاوز الاصول العقليّة الثابتة المعتبرة و النقليّة الصحيحة و نُشغل أنفسنا بكلمات مُريبة و حكايات خياليّة.
كان سماحة العلّامة استاذنا الأكرم الطباطبائيّ رضوان الله عليه يقول: كان كوربان يعتقد أنّ المذهب الوحيد الذي ظلّ حيّاً أصيلًا لم يمت في العالم هو المذهب الشيعيّ لقوله بوجود الإمام الحيّ، و جعله أساس‏ اعتقاده على هذه الدعامة. فهو حيّ دائماً و أبداً لاتّكائه على المهديّ قائم آل محمّد: محمّد بن الحسن العسكريّ.
ذلك أنّ دين اليهود قد مات بموت موسى و دين النصارى قد مات بعروج عيسى. و سائر مذاهب المسلمين بوفاة النبيّ. بَيدَ أنّ الشيعة تذهب إلى أنّ إمامها و صاحب ولايتها المتّصل بعالم المعنى و الإلهامات السماويّة حيّ يُرزق. فما هو إلّا مذهب الشيعة فقط حيّ خالد.
كان كوربان قريباً جدّاً إلى التشيّع. و غالباً ما كان يقرا أدعية «الصحيفة المهدويّة» و يبكي. [10]
أجل، ذكرنا هذا الموضوع كدليل على ما نقول حتى تستبين مسؤوليّة الامّة عامّة حِيال وُضّاع الحديث. [11]


[1] ـ الآية 15، من السورة 17: الإسراء.

[2] ـ «النجم الثاقب» ص 66، الطبعة الحجريّة الرحليّة.

[3] ـ «النجم الثاقب» ص 67.

[4] ـ «هديّة الأحباب» للمحدّث القمّيّ، ص 166 و 167.

[5] ـ «بحار الأنوار» ج 52، ص 173.

[6] ـ «بحار الأنوار» ج 52، ص 170.

[7] ـ «النجم الثاقب» ص 68.

[8] ـ «بحار الأنوار» ج 13، ص 143 إلي 147، طبعة الكمبانيّ، و في الطبعة الحديثة: ج 52، ص 159 إلي 174. و ذكر الشيخ البهبوديّ هذا الهامش في ص 159 من الطبعة الجديدة.

[9] ـ مجلة «نور علم» (/ نور العلم) العددان 50 و 51، الذكري العشرون لوفاة العلّامة الشعرانيّ، ص 18 و 19.

[10] ـ «مهر تابان» (/ الشمس الساطعة). في ذكري العلّامة العالم الربّانيّ السيّد محمّد حسين الطباطبائيّ التبريزيّ و حوار التلميذ معه، ص 46 و 47.

[11] ـ معرفة الإمام، ج‏17، ص: 258

 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع «المتقين». يسمح بإستخدام المعلومات مع الإشارة الي مصدرها


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی